في ظل تصاعد التوترات الدولية واستمرار النزاع بين روسيا وأوكرانيا، برز ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كأحد القادة الساعين إلى تحقيق السلام وإيجاد حلول دبلوماسية للأزمات الراهنة. تأتي هذه الجهود في إطار رؤية المملكة العربية السعودية الطموحة لتعزيز دورها كوسيط دولي فاعل وقوة اقتصادية وسياسية مؤثرة على الساحة العالمية.
الدور السعودي المتنامي في مجال الوساطة الدولية يحظى باهتمام ودعم العديد من الدول، خاصة تلك التي ترى في المملكة قوة متوازنة قادرة على التحاور مع مختلف الأطراف. وقد تجلى ذلك مؤخراً في المبادرة المشتركة بين الرئيس الأمريكي ترمب والرئيس الروسي بوتين، حيث اتفقا على اختيار المملكة العربية السعودية كمقر للمفاوضات الرامية إلى حل الأزمة الروسية-الأوكرانية، مع تأكيدهما على أهمية مشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في هذه المباحثات، اعترافاً بدوره المحوري في تقريب وجهات النظر المتباينة.
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، قدمت المملكة العربية السعودية عدة مبادرات تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين موسكو وكييف. وقد استضافت الرياض اجتماعات على مستويات مختلفة بين ممثلين عن الطرفين، كما كان لها دور حاسم في صفقة تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022، مما يظهر قدرتها على التوسط في النزاعات.
تميّزت هذه الوساطة بالحيادية النسبية، إذ حافظت المملكة على مسافة متساوية من أطراف النزاع، مما أكسبها مصداقية لدى الجميع.
بنظرة شمولية، يتطلع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى تخفيف حدة التوتر بين موسكو وواشنطن، إدراكاً منه للتأثير المباشر لعلاقات هاتين القوتين العظميين على استقرار العالم والمنطقة.
عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخراً عن اعتماده الكبير على الدور السعودي بقيادة الأمير محمد بن سلمان في دفع مبادرات السلام الإقليمية.
تشير هذه المستجدات إلى تنامي الدور السعودي في المشهد الدولي تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان، خصوصاً في معالجة النزاعات المهددة للاستقرار العالمي، مما يبرز القيمة الإستراتيجية للتعاون السعودي-الأمريكي في ترسيخ دعائم السلام والأمن عبر مختلف أرجاء العالم.
امتلكت المملكة روابط وثيقة مع روسيا امتدت عبر التاريخ، لاسيما في قطاع الطاقة وعبر إطار «أوبك+»، بالتوازي مع حفاظها على علاقات إستراتيجية راسخة مع الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين. هذا الموقع الإستراتيجي المتميز أتاح للأمير محمد بن سلمان مد جسور التواصل مع الطرفين بعيداً عن شبهات الميل لأحدهما على حساب الآخر.
في مساعيه لإنهاء الصراع الروسي-الأوكراني، يتبنى ولي العهد السعودي إستراتيجية اقتصادية متطورة تعتمد على حوافز مدروسة للطرفين: تقديم حزمة تمويلية سخية لإعادة إعمار أوكرانيا مرتبطة بالتزامها بعملية السلام، مع فتح آفاق استثمارية واعدة لروسيا كبديل للشراكات الغربية المتراجعة بسبب العقوبات الاقتصادية.
إن المفتاح لفك شيفرة الأزمة الروسية-الأوكرانية بات في يد الأمير محمد بن سلمان، الذي تمثل جهوده الوساطية ترجمة عملية لرؤيته التحويلية للمملكة كمركز دبلوماسي عالمي، لا يكتفي بالمشاركة في حل الأزمات، بل يتعداه إلى صناعة التغيير الإيجابي. هذا التحول يعكس إعادة تشكيل النظام العالمي الراهن، مع انحسار تدريجي للنفوذ الغربي التقليدي، وبروز قوى صاعدة تستثمر في أدوات القوة الناعمة والمرونة الدبلوماسية لتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.
https://www.okaz.com.sa/