في تصريح خصّ به «عكاظ»، كشف فنان العرب محمد عبده، تفاصيل عودته إلى المسرح بعد فترة النقاهة الصحية التي مر بها، مؤكدًا أن الحفل الأخير الذي أحياه في الرياض، لم يكن مجرد ليلة غنائية، بل كان محطة فارقة في مشواره الممتد لأكثر من 60 عامًا.
عودتي للمسرح جاءت بعد دراسة متأنية
أوضح محمد عبده، أن عودته إلى المسرح لم تكن وليدة اللحظة أو استجابة لضغط الجمهور فقط، بل جاءت بعد دراسة متأنية ومتابعة دقيقة من المستشار تركي آل الشيخ، الذي أبدى اهتمامًا بالغًا بعودته في توقيت مثالي يراعي حالته الصحية وظروفه الشخصية. وأكد، أن هذه المتابعة عززت لديه الطمأنينة بأن يكون ظهوره الأول بعد فترة التوقف في إطار لائق بمكانته وتاريخه الفني، مشددًا على أن مثل هذه القرارات يجب أن تُتخذ بعناية، وليس باندفاع أو مجاملة.
أؤمن بأن المسؤولية لا تقتصر على تقديم الأغاني فقط
وحول مشاركة مجموعة من النجوم الشباب والعالميين في الحفل، شدد محمد عبده، على أن اختيارهم جاء بموافقته الشخصية، ليس فقط لإثراء الحفل، بل أيضًا كجزء من التزامه المستمر بدعم المواهب الصاعدة. وأضاف: «الفن رسالة ممتدة، وأنا أؤمن بأن المسؤولية لا تقتصر على تقديم الأغنية فقط، بل تشمل أيضًا تمهيد الطريق للأجيال القادمة. هؤلاء الفنانون لديهم طاقات إبداعية تستحق أن تصل للجمهور، وأرى أن دمج الأجيال على المسرح يخلق تجربة فنية غنية ومتنوعة».
عندما سألته «عكاظ» عن مسألة الاعتزال، ردّ بصراحة وابتسامة: «لماذا أنزعج من هذا السؤال؟ هذا السؤال يعني أن الجمهور والوسط الصحفي يهتمان بي، وهذا أمر أقدّره. أنا اليوم رمز وطني، ومررت بظرف صحي طارئ، ومن الطبيعي أن يتساءل الناس عن مستقبلي الفني. لكنني بخير، ولله الحمد، وطالما لدي القدرة على العطاء، سأبقى في الساحة، لأن الفن ليس مجرد مهنة بل هو حياتي وشغفي».
أنا بخير، والحمد لله تجاوزت المرحلة الصعبة
في حديثه مع «عكاظ»، طمأن محمد عبده جمهوره قائلاً: «أنا بخير، والحمد لله، تجاوزت المرحلة الصعبة، وما حدث كان اختبارًا صحيًا مررت به، لكنه لم يغيّر في داخلي الشغف بالغناء، ولم يُضعف ارتباطي بالمسرح. بل بالعكس، زادني يقينًا بأن ما أقدمه له قيمة، وأن علاقتي مع جمهوري تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد أغنية تُسمع، بل هي رحلة عمر».
أكثر ما أظهره تصريح محمد عبده لـ«عكاظ»، هو مدى التزامه وانضباطه الفني، رغم مرور أكثر من 60 عامًا على مشواره، تحدث بحزم قائلاً: «لا يمكن أن أصعد إلى المسرح دون بروفة، وهذا مبدأ لم ولن أتخلّى عنه. لا يهمني عدد السنوات التي قضيتها في الغناء، ولا عدد الحفلات التي قدمتها، ولا حتى الألقاب التي حصلت عليها. كل حفلة بالنسبة لي هي امتحان جديد، والجمهور يستحق أفضل ما يمكنني تقديمه. العمل الجيد لا يُبنى على الارتجال، بل على الإعداد الدقيق، والبروفة ليست مجرد تمرين صوتي، بل هي عملية تحضير ذهني وفني لكل تفصيلة صغيرة».
وأضاف: «حتى لو غنّيت أغنية قدمتها ألف مرة، يجب أن أعيد تمرينها، وأتحقق من التناغم بيني وبين الفرقة، خصوصًا إذا كانت هناك عناصر جديدة. الجمهور لديه ذاكرة قوية، ولا يمكن خداعه. لذلك، أنا أتعامل مع كل حفلة كأنها الأولى، وسأظل أحرص على ذلك حتى آخر حفلة في مشواري».
من لا يحترم جمهوره لن يستمر
وعن نصيحته للجيل الجديد، قال بصوت ثابت: «من لا يحترم جمهوره لن يستمر. هذه ليست نصيحة، بل حقيقة. الجمهور يمنح الفنان بريقه، لكنه أيضًا قادر على سحب هذا البريق في لحظة واحدة. الفن ليس مجرد أغانٍ تُقدم، بل علاقة متبادلة تقوم على التقدير والاحترام. وعلى كل فنان أن يدرك أن الاستمرارية ليست فقط في الصوت الجميل، بل في كيفية التعامل مع الجمهور والاهتمام بكل تفاصيل عمله».
لم يخفِ محمد عبده، سعادته الكبيرة بالنجاح الذي حققته أغنيته «أعلى الجمال تغار منا»، من كلمات الشاعر السوداني إدريس جماع، وقال لـ«عكاظ»: «الشعر العربي له سحره الخاص، وغناء القصائد من الأمور التي أحرص عليها لأنها تمنح الأغنية عمقًا مختلفًا. إدريس جماع واحد من أهم شعراء السودان، وأنا محب لهذا الشعب العظيم الذي يتمتع بثقافة راقية وذائقة شعرية متميزة. هذه القصيدة لامست القلوب، وأنا سعيد جدًا بالأصداء التي حققتها».
في ختام حديثه مع «عكاظ»، قال محمد عبده،: «أنا اليوم خادم لهذا الوطن في كل محطة، سواء بالغناء أو بأي دور آخر يُطلب مني. السعودية قدّمت لي الكثير، وجمهوري منحني محبة عظيمة، وأشعر أنني مدين لهذا الوطن بكل شيء، وسأظل أعمل وأغني وأقدم كل ما أستطيع، طالما بقيت قادرًا على العطاء».
https://www.okaz.com.sa/