الذكاء الاصطناعي يتنبأ بأسباب الأمراض النفسية لدى المراهقينمنصة السودان

متابعة ـ منصة السودان ـ
حسب أحدث دراسة نفسية نُشرت في مطلع شهر مارس (آذار) من العام الحالي في مجلة «نتشر ميديسن» Nature Medicine، تمكن باحثون من جامعة ديوك Duke University بالولايات المتحدة من تطوير نموذج للذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة باحتمالية تعرض المراهقين لخطر كبير للإصابة بمشاكل نفسية في المستقبل، قبل أن تزيد حدة الأعراض وتؤدي إلى عواقب خطيرة.
نموذج مطور للذكاء الاصطناعي:
أكد الباحثون أن النموذج المطور من الذكاء الاصطناعي يتفوق بشكل أساسي على النماذج السابقة التي كانت تشخص المرض النفسي بناءً على الأعراض الموجودة بالفعل دون توقع حدوثه، تبعاً لعوامل الخطورة المختلفة التي يمكن أن تزيد من فرص الإصابة بالمرض.
رصد الاضطرابات والمشاكل:
ولكن النموذج المعدل استطاع التنبؤ بالمرض النفسي من خلال توفر أسباب حدوثه في المقام الأول مثل اضطرابات النوم والتعثر الدراسي والتعرض للتنمر وكذلك المشاكل الأسرية مثل التعرض للعنف البدني أو اللفظي وأيضاً الاعتداءات الجنسية وغيرها ما يؤدي إلى توقع المرض النفسي بشكل مبكر ومن ثم علاجه قبل الوصول إلى المراحل الخطيرة.
عواقب الأمراض النفسية أشدّ وطأة:
أوضحت الدراسة أن الاضطرابات والأمراض النفسية خطر حقيقي يهدد صحة المراهقين بشكل أكبر بكثير من المشاكل الصحية العضوية الأخرى ولكن لا تنال الاهتمام الكافي؛ لأن الأعراض لا تكون بحدة الأعراض العضوية نفسها. ولكن عواقب الأمراض النفسية أشد وطأة. ويكفي أن نعرف أن الانتحار هو ثاني أكبر سبب لوفاة المراهقين في الولايات المتحدة، ورغم ذلك تعاني الولايات المتحدة من نقص حاد في مقدمي خدمات الصحة النفسية.
وتبعاً للدراسة الحالية النموذج المطور يمكن أن يقوم بما يشبه المسح النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتفاقم الأعراض، ويمكن استخدامه في عيادات الأطفال لمساعدة الأطباء في تحديد الأطفال الأكثر احتياجاً إلى تدخل طبي بشكل عاجل.
تحليل العوامل النفسية والاجتماعية:
قام الباحثون بقسم الإحصاء الحيوي بجامعة ديوك بتحليل كل ما يتعلق بالعوامل النفسية والاجتماعية والصحية المرتبطة بحدوث المرض النفسي من خلال البيانات الخاصة بما يزيد على 11 ألف طفل من الدراسة التي تم إجراؤها في الولايات المتحدة (التطور المعرفي لمخ المراهقين Adolescent Brain Cognitive Development) وتُعد من أكبر وأطول الدراسات التي تتناول تطور مخ المراهقين على مدى خمس سنوات.
قام الباحثون ببناء شبكة عصبية تحاكي التوصيلات العصبية الموجودة في المخ عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً للتنبؤ بالأطفال الأكثر عرضة للانتقال من خطر نفسي أقل إلى خطر نفسي أكبر في غضون عام. ثم بعد ذلك تم استخدام هذا النموذج لعمل استبيان نفسي ومن خلال إجابات المراهق فيما يتعلق بسلوكه الحالي والمشاعر الآنية التي يشعر بها يمكن التنبؤ باحتمالية تفاقم الحالة من عدمه.
نموذج عالي الدقة:
وكان النموذج دقيقاً بنسبة بلغت 84 في المائة في القدرة على تحديد المرضى في الدراسة الذين أصيبوا بالفعل بأعراض نفسية شديدة الحدة في غضون العام التالي.
وقال الباحثون إن تحليل الأسباب المختلفة التي تُعد مؤشراً هاماً لحدوث الاضطرابات النفسية المختلفة وتفاقم أعراضها في المستقبل، أظهر أن اضطرابات النوم كانت الأكثر تأثيراً وشيوعاً ثم المشاكل السلوكية والتاريخ العائلي للإصابة بالأمراض النفسية، ولكن ليس معنى هذا أن أي مراهق يعاني من اضطرابات النوم أو تغير نموذجه سوف يصاب بمشاكل نفسية، ولكن هذا العامل يجب أن يلفت النظر خاصة مع إمكانية تغييره.
أداة مساعدة للطبيب النفسي:
أكدت الدراسة أن نموذج الذكاء الاصطناعي المعدل لن يقوم بالتشخيص الفعلي بدلاً من الطبيب النفسي، ولكن سيكون بمثابة أداة إضافية تساعد أطباء الأطفال في معرفة المراهقين الأكثر عرضة لحدوث المشاكل النفسية مستقبلاً.