أخبار الخليج

السعودية والاستثمار البشري

منذ تأسيس بلادنا على يد الموحِّد الملك عبدالعزيز، يرحمه الله، ورغم شح الموارد في تلك المرحلة كانت قضية التعليم والابتعاث من أولويات الحكومة السعودية، والقفزة في مجال التعليم في وقتنا الحاضر هي نتيجة لتلك السياسات المستمرة التي تضع الاستثمار في الإنسان في قمة أولوياتها، هل وصلنا لمرحلة الكمال؟ طبعاً مثل هذه المشاريع الاستراتيجية لا يمكن أن تقف عند حد معين فهي متجددة دائماً بحسب تغيُّر أشكال وأنواع التعليم ومتطلبات سوق العمل في أي دولة في العالم، ما نشهده الآن من الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الحياة بشكل متسارع دليل على هذه التغيرات، والمملكة سباقة في هذا المجال من ناحية التخصصات الأكاديمية والعلمية ودعم المؤسسات الحكومية المنظمة لهذا النشاط والاستثمار من قبل الحكومة والذي سوف يغيّر شكل الحياة والاقتصاد بطريقة سريعة ومخيفة، والمملكة لن تتخلف عن تحقيق مثل هذه الأهداف الاستراتيجية في تنويع اقتصادها. وتصريح وزير المالية السعودي محمد الجدعان في منتدى دافوس الأخير بأن المملكة سوف تصدر البيانات بدلاً من النفط في المستقبل، مؤكداً ترحيب بلاده بالاستثمار وجذبه من قبل الشركات العالمية في المملكة مع العمل على إنشاء منظومة متماسكة تحمي مثل هذه المراكز.

تابعنا بداية فترة الرئيس ترامب ومؤتمراته الصحفية المتعددة؛ التي في الغالب تصب في مجال الاقتصاد الأمريكي وحمايته، ولكن ما لفت نظري في هذا الحراك (الترامبي) هو تركيزه على مشروع (ستارغيت) الذي ستقوم عليه شركات رائدة في تكنولوجيا المعلومات مع مستثمرين من اليابان، والذي شاهدنا مساومة ترامب لرئيس سوفت بنك الياباني ماسايوشي سون لزيادة استثماراته في هذا المشروع من مائة مليار دولار إلى 200 مليار، وهذا المشروع هو إقامة لبناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في أمريكا، ومع علاقة وشراكة تاريخية واستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تستثمر المملكة في مثل هذه المشاريع عن طريق أذرعها ومشاركة القطاع والشركات السعودية الرائدة في مجال تقنية المعلومات. من جهة أخرى وهي الأهم في باب الاستثمار البشري السعودي في هذا المجال الرائد هو عملية الابتعاث في مجالات الحوسبة بكافة أشكالها في الجامعات الرائدة هناك وبوتيرة أكبر وأسرع مما هو معمول به الآن، إضافة إلى تشجيع الجامعات السعودية الحكومية والخاصة والأجنبية بالعمل على برامج أكاديمية في هذه المجالات المهمة في الاقتصاد لأي دولة في العالم.

قبل أشهر قليلة استقبل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، الفريق الطبي بمستشفى الملك فيصل التخصصي الذي قام بزراعة أول قلب في العالم عن طريق الروبوت، مثل هذا الاستقبال والدعم لهذه المشاريع يعطي دلالة على وعي القيادة بهذه المشاريع المهمة للإنسان والاقتصاد والريادة في هذا المجال المهم والجاذب للاستثمار في الاقتصاد العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى