العمرة ليست تجربة فوضوية !

ما طرحه خالد السليمان في مقاله الجريء والدقيق هو تعبير صادق عن واقع مؤلم نشهده
من بعض المعتمرين الذين لا يتقيّدون بالنظام، وخصوصًا في رمضان. المقال لم يكن مجرد رصد لحالة فردية، بل كشف عن ظاهرة متكررة لتجاوزات بعض المعتمرين التي يغيب عنها النظام وتحضر فيها الأنانية والتهوّر وأحياناً الاحتيال…
من المؤسف أن نشاهد مشاهد الازدحام تتحوّل إلى تدافعٍ أشبه ما يكون بحالة طوارئ، لا سيما حين يتجاهل البعض التعليمات المنظمة لدخول الحرم ويتعمّدون التسلل والحيلة، كما في حالة الرجل الذي تظاهر بالإحرام لخداع رجال الأمن. أي فكرٍ هذا الذي يعتقد أن العبادة يمكن أن تُنال بالمخادعة؟!
والمرأة المستترة وراء نقاب لتمد جلستها إلى موسم الحج! وتجاهر بذلك؟ وهل نرجو رحمة الله بينما نكسر قوانينه وننتهك أنظمة وضعتها الدولة لحمايتنا جميعاً؟
المشهد لا يقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى سلوكيات تصدر من بعض الزائرين لا تليق بقدسية المكان ولا بروحانية الشهر الفضيل. فالتدافع، والتهافت على الصدقات وكأننا في طابور إغاثة للاجئين وليس معتمرين، والصلاة والنوم في ممرات المشاة مُعرّضين حياة الناس للخطر، والطبخ ونشر الغسيل والكل ليس من الدين في شيء، بل تُسيء إلى صورة المسلم قبل أن تُسيء إلى قدسية المكان وتسيء للجهود الجبارة من ميزانيات مرصودة لإدارة الحشود والصحة والأمن والنظافة والتي يقف وراءها مجهود لآلاف من مواطنينا طوال السنة…
من هذا المنطلق، أؤيد تماماً دعوة الكاتب إلى ضرورة التزام المعتمرين بالأنظمة لدخولهم بشكل أدق يوازن بين رغبة الناس في العبادة وضرورة الحفاظ على النظام والسلامة. فالعبادة الحقيقية لا تتحقق في الفوضى، بل في السكينة والخشوع، وهذان لا يزدهران في ظل الصراخ والتزاحم والأكل والأطفال…
كما أن فكرة إعادة العمل بنظام وقف تأشيرات العمرة لفترة بعد الحج فكرة ناضجة تتيح للجهات المختصة فرصة التقاط الأنفاس، وإعادة ترتيب الأولويات، وصيانة المرافق، وتقييم التجربة.
العمرة عبادة سامية، وينبغي أن نحفظ لها هيبتها وروحها. فالمشهد الذي نُقدّمه للعالم عن الإسلام يبدأ من ساحات الحرم، فإن لم نحسن التمثيل هناك، فكيف نأمل أن يصدقنا الآخرون حين نتحدث عن سماحة الدين وعظمته؟
https://www.okaz.com.sa/