العبيد أحمد مروح أرى تحتَ الرمادِ وميضَ جمرٍ .. ويوشكُ أن يكونَ له ضِرام فإن النار بالعودين تُذكى .. وإن الحرب مَبدؤها كلامُ فإن لم يُطفٍها عقلاء قومٍ .. يكونُ وقودها جثثٌ وَهَام ُ فقلت من التعجب ليت شعري .. أَأيقاظٌ أميةُ أم نيام تنسب هذه الأبيات إلى نصر بن سيار الكناني وقد قيل أنه قالها عندما استشعر سقوط الدولة الأموية وانشغال أمراء الدولة بالخلافات والانقسامات .. وكثيراً ما يتم الاستشهاد بها في سياق التحذير من إندلاع الحرب إذا ما وصل التلاسن بين المتنافسين أو المتخاصمين مدىً بعيداً. لكني اليوم أود أن أعيد قراءتها على نحوٍ قريب من ذلك. يقول نصر بن سيار في البيت الثاني: فإن النار بالعودين تزكى .. وإن الحرب أولها كلام. وهو هنا يرسم صورة لمشهدين، فيما يعرف بتشبيه التمثيل، صورة النار وهي تُزكى بالعودين، وصورة الحرب التي يكون مبدؤها الكلام، والكلام المقصود هنا، بلا شك، هو ما نسميه في زماننا هذا “خطاب الكراهية” !! سأحاول هنا تقريب الصورة ما أمكن، فقد كان البدو، قبل أن يتعرفوا على “عود الثقاب” يوقدون النار بواسطة “عيدان الأشجار” وتحديداً شجر “الاندراب” و”القفل” كما في غالب بوادي ومراحيل السودان، وكانوا يحتفظون بهما جافين وحينما يكونون بصدد إيقاد النار يضعونهما في شكل علامة (تي) ويوالون فركهما حتى تنقدح الشرارة فيلتقطونها …
The post خطاب الكراهية appeared first on سودان تربيون.