سرقة المرأة في الشركات العائلية: واقع يحتاج إلى حماية قانونية

في الشركات العائلية، حيث تتداخل العلاقات الأسرية مع المصالح المالية، تصبح المرأة في كثير من الأحيان ضحية لاستغلال منهجي. رغم أن الشركات العائلية تمثل 90% من القطاع الخاص في المملكة، الذي يشكل بدوره 62% من الاقتصاد الوطني، إلا أن المرأة لا تزال تواجه تحديات جسيمة، خصوصاً فيما يتعلق بحقوقها المالية والإدارية.
حين تُسرق المرأة بصمت..
المشكلة ليست فقط في حرمان بعض النساء من نصيبهن في الشركات العائلية، بل في الأساليب التي تُستخدم لإقصائهن، مثل التلاعب القانوني، والضغط الأسري، واستغلال نظام مثل نظام الأوقاف كوسيلة للسيطرة على قرارات الشركات العائلية بطرق تتلاعب على الدين وتوظفه. هذا إلى جانب الثنائي؛ الذي يهيمن على هذه القضايا: المحامي الذي يخطط ليقبض، والذكر الذي يستغل نفوذه ليظلم.. وفي ظل غياب حماية قانونية واضحة ومفصلة تصبح حقوق المرأة الوارثة عرضة للضياع.
والأخطر من ذلك، أنه عندما تحاول المرأة المطالبة بحقها أو الاعتراض على هذه الممارسات تُتهم بالعقوق والتمرد! حيث يتم تصوير مطالبتها بحقوقها الشرعية على أنها تمرد على العائلة، أو عدم احترام للكبار، أو إساءة للعِشرة التي تم الصرف عليها فيها كابنة في مأكلها ومشربها وتعليمها، وفي بعض الحالات يصل الأمر إلى مقاطعتها تمامًا، حيث يرفض أحد الوالدين مقابلتها بحجة أنها «فرّقت العائلة» ورفضت سلطة الذكر… بحجة الحفاظ على «المصلحة العامة للعائلة». حتى لو كان الثمن ضياع أبنائها..
الأوقاف كأداة للسيطرة على المرأة
إحدى أكثر الوسائل التي يتم استخدامها لإقصاء المرأة من الشركات العائلية هي استغلال نظام الأوقاف، حيث يقوم بعض الورثة الذكور بتحويل جزء من ملكية الشركات العائلية بالنسبة الأقصى المتاحة من النظام إلى أوقاف يسيطرون عليها بشكل كامل، مما يمنع المرأة من الحصول على نصيبها الفعلي في الميراث أو التأثير في قرارات الشركات.
كيف يتم ذلك؟
• تحويل أصول الشركات إلى وقف خاضع لإدارة الذكور عبر ناظر، فتحرم المرأة من أي سلطة فعلية على الممتلكات أو اتخاذ القرارات.
• السيطرة على التصويت داخل الشركات العائلية عبر حصر حق الإدارة واتخاذ القرارات للمدير ومن ناظر الوقف الذي غالباً هو شريك بالشركة وأحد الورثة ومدير للشركة!!! وفوقها ناظر الوقف!! والذي غالبًا ما يكون ذكرًا ومن بعده ابنه الذكر.
• إضعاف حق المرأة في التصرف بأصولها المالية، حيث يصبح من المستحيل عليها بيع حصتها أو إدارتها بشكل مستقل إلا بسعرهم ولهم.
• إطالة أمد النزاعات القانونية لتستنزف المرأة مادياً ومعنوياً، إذ يصبح الطعن في قرارات المحاكم عملية معقدة وطويلة لا تتحملها المرأة وخاصة إذا كان لديها أطفال.
• الضغط الاجتماعي والعاطفي، حيث يتم عزل المرأة عن أسرتها، ويُستخدم الوالدان كأداة للضغط عليها عاطفياً ودينياً.
• التلاعب بالأرباح، حيث يتم منع توزيع الأرباح على الورثة عبر طرق محاسبية ملتوية وخاصة النساء منهم؛ بهدف إجبارهن على بيع حصصهن بأسعار زهيدة للذكور المسيطرين، مما يؤدي في النهاية إلى استبعادهن نهائيًا من الشركة.
هذا النوع من التلاعب لا يضر فقط المرأة، بل يخلق بيئة غير صحية داخل الشركات العائلية، التي تراكمت قضاياها في سراديب المحاكم، وتعطيل النمو الاقتصادي بسبب الصراعات الداخلية لمحركات هي جوهرية لتنمية الوطن.
لماذا تحتاج المرأة إلى حماية خاصة في الشركات العائلية؟
1. استغلال الأنظمة بطرق مغلفة قانونياً واستغلال أنظمة الأوقاف لحرمانها من حقوقها.
2. التلاعب القانوني الذي يسمح بتحويل الأصول إلى أوقاف داخل الشركات بهدف منع المرأة من أي دور إداري أو مالي فيها..
3. الضغوط الأسرية والمجتمعية التي تجبر المرأة على التنازل عن حقوقها، أو تُتهم بالعقوق في حال رفضها ذلك.
4. احتكار الذكور للقرار الاقتصادي داخل الشركات العائلية، مما يجعل النساء خارج دائرة التأثير مهما كانت نسبة وعيهن.
5. العقوبات الاجتماعية القاسية، حيث يتم فرض العزلة على المرأة، وحرمانها حتى من العلاقة مع والديها إذا لم تخضع للأمر الواقع وتستسلم.
6. حرمان النساء من الأرباح المستحقة عبر إخفائها أو تدويرها كوسيلة لإجبارهن على التخلي عن ملكيتهن داخل الشركات العائلية.
الحل: هيئة لحماية المرأة في الشركات العائلية
لحماية المرأة من هذا الاستغلال، من المهم إنشاء هيئة مختصة تراقب النزاعات داخل الشركات العائلية وفرض الحوكمة والشفافية عليهم تقوم بـ:
• التدقيق في الأوقاف العائلية ومدى مصداقيتها كذراع خيري وأن لا تكون غطاء يستعمل لضمان إقصاء المرأة الشريكة.
• سن قوانين تمنع احتكار الذكور لإدارة الوقف وتضمن تمثيلًا عادلًا للمرأة خاصة إذا كانت الأغلبية نساء.
• توفير مستشارين قانونيين متخصصين للدفاع عن حقوق المرأة داخل الشركات العائلية.
• فرض رقابة صارمة على المحامين والمستشارين القانونيين والمحاسبين الذين يشاركون في عمليات السرقة الممنهجة عبر أغطية قانونية الهدف منها الفساد.
• إلزام الشركات العائلية بتمثيل عادل للنساء في مجالس الإدارة والتصويت لضمان مشاركتهن الفعلية في القرارات وإدارة أموالهن.
• فرض عقوبات على الشركات العائلية التي تمتنع عن الحوكمة والشفافية وتوزيع الأرباح بهدف الضغط على الورثة للتخارج، خصوصًا النساء منهن.
الخاتمة:
لتعزيز العدالة لا بد من حماية النساء في بيئة الشركات العائلية، خاصة عندما يتم استغلال باب الأوقاف والتلاعب بالأرباح والحصص كأدوات لمنعهن من ممارسة حقوقهن.
إن تمكين المرأة في القطاع الخاص لا يقتصر على منحها فرص عمل ونشر أرقام سنوية، بل يشمل أيضًا ضمان حقها في الميراث والإدارة والاستقلال المالي وحفظ كرامتها.
حماية المرأة من هذا الظلم ليست مجرد قضية فردية، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية لضمان مستقبل أكثر عدالة واستدامة لأجيال قادمة ستكون أكثر وعياً وشراسة بالإصرار على الحقوق… فلا يُعقل أن تُحرم المرأة من ميراثها، ثم تُجبر على بيع حصتها بأبخس الأثمان لتقابل مصيرها ومستقبل أطفالها بلا كرامة ولا كأنها فرد له حقوق حقيقية في مجتمع بأغلب الحال سيتهمها بالعقوق والتعنتر لأنها طالبت بحقها!
https://www.okaz.com.sa/