أخبار الخليج

مكة.. بين خبايا البازارات وحديث المستقبل

في مكة، كل شيء يروي حكاية. الطرقات، الحجارة، وحتى الهواء يحمل عبق أزمنةٍ مضت ولم تغب. الأسواق التي ازدحمت قديماً بزوارها، لم تكن مجرد مواقع للبيع والشراء، بل كانت مشاهد لحركة دؤوبة، حيث يتقاطع القادمون من كل حدب وصوب، يحملون بضائعهم ولهجاتهم، يساومون، ويتبادلون الأحاديث كما يتبادلون السلع، فكانت التجارة هنا نسيجاً ممتداً من التواصل الإنساني قبل أن تكون أرقاماً وحسابات.

الآن، تبدلت الواجهات، وحلت الحداثة بملامحها الجديدة، لكن روح المكان بقيت، تحاول أن تتأقلم دون أن تفقد هويتها. وبينما تتسارع عجلة التطوير، يظل السؤال حاضراً: كيف يمكن لمكة أن تنمو دون أن تفقد ملامحها القديمة؟ كيف تحافظ على سحرها الممتد منذ قرون، بينما تتجه نحو المستقبل بكل ما يحمله من تغيير؟

مركاز البلد الأمين، بمبادراته ونقاشاته، يطرح هذه الأسئلة في فضاءٍ مفتوح، حيث يلتقي الفكر بالممارسة، وتتداخل الرؤى بين من يريد الحفاظ على عبق الماضي، ومن يسعى لرسم ملامح الغد. فالاستثمار في مكة ليس مجرد إنشاء مشروعات اقتصادية، بل هو استثمار في تجربة إنسانية متكاملة، حيث يُعاد بناء الأسواق دون أن تفقد دفئها، وتُرسم الممرات دون أن تُمحى آثار الخطى القديمة.

هنا، في هذا المركاز، لا تُطرح الأفكار من برجٍ عالٍ، بل تتقاطع على الطاولات، في أحاديث تنسج تفاصيل المستقبل كما كان يفعل أهل الأسواق قديمًا، حين كان الاتفاق على البيع والشراء لا يقتصر على تبادل النقود، بل كان يبدأ بكلمة، ويُحسم بالمصافحة، ويُتوّج بالرضا.

الاستثمار في مكة يجب أن يكون بهذا الفهم، تجربة تنبض بالحياة، لا مشروعات صامتة لا تحمل روح المكان. وحين تُضاء ليالي المركاز بالنقاشات، فإنها ليست مجرد حوارات عابرة، بل محاولات لإعادة تشكيل العلاقة بين التاريخ والمستقبل، بين الإنسان والمكان، بين البازارات القديمة والمشاريع القادمة، بحيث تبقى مكة، كما كانت دائماً، ملتقى للزائرين، وموطناً للحكايات التي لا تنتهي.

​https://www.okaz.com.sa/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *



زر الذهاب إلى الأعلى