أخبار السودان

منبر جدة التفاوضي.. جدل العودة والرفض الشعبي​منصة السودان

متابعة – منصة السودان –

فتحت تصريحات رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بشأن التفاوض في منبر جدة، الجدل واسعا بشأن الموقف النهائي منها، فالبرهان الذي كان يتحدث في منطقة البسابير بنهر النيل بدأ وكأنه أراد إغلاق منبر جدة للأبد، لكنه عاد وأكد أنهم سيتوقفون عن الحرب عندما تلتزم المليشيا بشروط التفاوض وتغادر المشهد نهائيا لأن السودانيين لا يرغبون في وجودها.

 

تصريحات البرهان بشأن منبر جدة جاءت بعد يوم واحد من تصريحات لنائبه مالك عقار، الذي فاجأ الأوساط السياسية بتصريحات أكدت فيها عدم ممانعتهم العودة لمنبر جدة، لكن مراقبون يقولون أن تصريحات البرهان أراد من خلالها إطفاء تصريحات مالك عقار وتوجيه الموقف الرسمي للدولة في إتجاه رفض التفاوض.

 

فماذا قال عقار؟؟:

آثارت تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، بعدم ممانعتهم العودة لمنبر جدة، الدهشة في الأوساط السياسية وفي مواقع التواصل الإجتماعي السودانية، ومثار الدهشة هنا ليس في العودة لمنبر جدة الذي تجاوزته الأحداث وإنما في أن الرجل الثاني في الدولة يريد العودة لمنبر جدة بذات الشروط القديمة، التي تجاوزتها الأحداث أيضا.

 

عقار، الذي كان يتحدث عقب لقائه الرئيس الجيبوتي أكد عدم ممانعتهم العودة لمنبر جدة حال التزم الدعم السريع بشرط إخلاء المنازل والأعيان المدنية، وهو شرط بحسب مراقبين تجاوزته الأحداث، مشيرين إلى أن تصريحات عقار التي لم تكن مدركة للتطورات العسكرية على الأرض جاءت بعد أسبوعين من تصريحات عضو مجلس السيادة، الفريق أول ياسر العطا، فالعطا الذي كان يتحدث لجنوده بأم درمان في خواتيم شعبان المنصرم، قال إن التفاوض الوحيد مع المليشيا سيكون حول إخراجهم من حياة السودانيين، وهو تصريح بحسب مراقبين يبدو متوافقا مع التطورات على الأرض، حيث أن شرط إخلاء المنازل لم يعد له قيمة كبيرة.

 

انتكاسة أم مناورة

 

الأمر الذي عظم من الدهشة، هو أن السودانيين يحفظون لمالك عقار عبارة “لا جدة ولا جدادة”، كناية عن إغلاق باب التفاوض للأبد أمام المليشيا.

هذا التصريح لم يكن مناورة بحسب أستاذ العلوم السياسية دكتور محمد عمر، وإنما بمدلول عبارته يوحي بأنه موقف جذري ومتصلب وثابت.

لكن واضح أن عقار الذي يقرأ السودانيين تصريحاته، لا يقرأها هو، فعاد وأكد عدم وجود مانع من التفاوض مع الدعم السريع حال التزم بتنفيذ اتفاق جدة.

يقول دكتور محمد عمر، إن اتفاق جدة كان مبنيا على خروج المليشيا من أم درمان وبحري وشرق النيل وود مدني وسنار، وشمال النيل الأبيض و٤ ولايات بدارفور، ونجح الجيش في تحرير أم درمان وبحري وشرق النيل وود مدني وسنار والجزيرة ومناطق شمال النيل الأبيض ويتأهب لتنظيف ولايات دارفور الأربعة، لافتا إلى أن هذه التطورات العسكرية التي مهرت بدماء جنود القوات النظامية والمقاومة الشعبية ودرع السودان والقوة المشتركة، كان يجب أن يقابلها على الأقل تطور في شرط الجلوس مع المليشيا، مضيفا، (لا يمكن أن تكون شروطك هى نفسها، عندما كانت المليشيا تحتل ثلث السودان وعندما أخرجتها أنت من كل هذه المساحة).

وتساءل دكتور محمد عمر قائلا، (هل يريد نائب رئيس مجلس السيادة أن يتفاوض مع المليشيا على الخروج من كيلو متر مربع في وسط الخرطوم وبعض البنايات في شارع الستين وعدة منازل في شرق وجنوب الخرطوم؟).

واستبعد عمر، أن تكون تصريحات عقار مجرد مناورة، واعتبرها انتكاسة لا تعبر عن الأوضاع على الأرض التي بات فيها الجيش متحكما بالكامل في مسار الحرب، وعلى وشك تحرير الخرطوم، الذي يعتبره عمر قاصمة الظهر للمليشيا وبداية إخراجها من كامل التراب السوداني.

دبلوماسية مالك عقار :

مراقبون عدوا تصريحات مالك عقار، مجرد مناورة وحديث للاستهلاك السياسي، مشيرين إلى أن عقار وضع في موقف كان يتطلب أن يقول مثل هذه الحديث، مشيرين إلى أن العودة لمنبر جدة بات قرار لا يملكه مجلس السيادة ولا قائد الجيش، وإنما الشعب السوداني بأكمله لا يرغب في وجود أي دور للمليشيا سواء عسكري أو سياسي في المستقبل، وهذا الموقف تحديدا أكده رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان لمسؤولين غربيين بالقول أن الشعب السوداني لن يقبل بأي وجود للمليشيا في أي صورة من الصور.

وهو الموقف نفسه الذي أعلنه البرهان في منطقة البسابير بالقول، أن إطلاق النار سيتوقف بمجرد إختفاء هذه المليشيا من حياة السودانيين.

تصريحات عقار استهلاك سياسي ام مناورة :

وبناءا على ذلك، يرى مراقبون أن تصريحات مالك عقار بشأن العودة لمفاوضات جدة، مجرد استهلاك سياسي ومناورة بلا معنى، لجهة أن عقار يدرك أكثر من غيره أن الأحداث تجاوزت الشروط القديمة لمنبر جدة، وإنه حتى في حال إحياء التفاوض، فإن الشروط يجب أن تتغير اتساقا مع موقف الجيش على الأرض، ويؤكد مراقبون أن حديث ياسر العطا بشأن التفاوض مع المليشيا حول إخراجها من حياة السودانيين هو ما يعبر تماما عن الموقف على الأرض، لأن المليشيا التي كانت ممتدة من حجر العسل شمالا إلى تخوم النيل الأزرق، صار تحركها بين شارع الهوى وكبري جبل أولياء، وهو مسار هروب وليس مسار إعادة تموضع.

تماشيا مع راي المواطن في حسم التمرد :

 

ووفق مراقبين فإن تصريحات البر هان وعقار، بشأن الموقف من منبر جدة، لا تبدو متضاربة بالشكل المزعج، وإنما خلاصة الأمر، فإن الحكومة السودانية تتعامل مع دعوات إستئناف التفاوض بمنبر جدة بدون إعتماد إجابة قاطعة، فبينما يؤكد عقار رغبتهم في التفاوض يأتي رئيس مجلس السيادة بتصريحات مغايرة لتحسين المزاج الشعبي الرافض أصلا للتفاوض، وهو هنا الموقف بحسب مراقبين مجرد تبادل أدوار بين الرئيس ونائبه وليس أكثر من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *



زر الذهاب إلى الأعلى