أخبار السودان

م.صلاح غريبة يكتب .. تعيين رئيس الوزراء في السودان: بارقة أمل وسط تحديات جسيمة​منصة السودان

متابعة – منصة السودان –

يمثل تعيين السفير الدكتور دفع الله الحاج أحمد وزيراً لشؤون مجلس الوزراء ومكلفاً بمهام رئيس الوزراء في السودان خطوة بالغة الأهمية في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد. هذا الاختيار، الذي حظي باستحسان واسع في الأوساط السياسية والإعلامية، يعكس تطلعات إلى قيادة حكيمة قادرة على مواجهة التحديات المتفاقمة وإعادة ترتيب الأولويات في هذه المرحلة الدقيقة.

إن السيرة الذاتية للسفير دفع الله حافلة بالإنجازات التي تشهد على كفاءته وقدرته على تحمل المسؤولية. بخبرته الطويلة في السلك الدبلوماسي، وتحديداً خلال فترة عمله كناطق رسمي للحكومة، تركت انطباعاً راسخاً بفضل أسلوبه المتزن والشفاف في إدارة الخطاب الرسمي حتى في أحلك الظروف. كما أن دوره كسفير للسودان لدى المملكة العربية السعودية عزز العلاقات الثنائية بين البلدين وكان له إسهامات مقدرة في خدمة مصالح الجالية السودانية وتطوير التعاون الاقتصادي. هذه المسيرة المهنية المتميزة تجعل منه اسماً بارزاً ومؤهلاً لقيادة الحكومة في هذه المرحلة الحساسة.
في خضم الحرب المدمرة التي تعصف بالبلاد، يأتي اختيار السفير دفع الله لعدة اعتبارات جوهرية. أولاً، خبرته التراكمية في إدارة الأزمات تمثل رصيداً هاماً في التعامل مع التعقيدات الراهنة. ثانياً، مصداقيته العالية لدى مختلف الأطراف يمكن أن تسهم في بناء جسور من الثقة والتعاون الضروري لتجاوز الانقسامات. ثالثاً، فهمه العميق لتركيبة المشهد السوداني وتعقيداته يجعله قادراً على اتخاذ قرارات مستنيرة. رابعاً، حضوره الدولي المؤثر يمكن أن يعزز مكانة السودان في المحافل الإقليمية والدولية. وأخيراً، اتزانه وحكمته وسرعة بديهته في اتخاذ القرارات تمثل صفات قيادية حاسمة في هذه الظروف الاستثنائية.
إلا أن الطريق أمام رئيس الوزراء المكلف لن يكون مفروشاً بالورود، بل سيواجه جملة من التحديات الكبرى التي تتطلب حكمة وحزماً. في مقدمة هذه التحديات تأتي ضرورة إعادة ترتيب أولويات العمل الحكومي بما يتناسب مع الوضع الطارئ واحتياجات المواطنين الملحة. كما أن معالجة ملف الخدمات الأساسية المتدهورة وتنسيق الجهود بين الوزارات المختلفة يمثل أولوية قصوى. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المرحلة المقبلة إدارة دقيقة للعلاقة مع الشركاء الدوليين واستعادة ثقة المؤسسات التنفيذية والحفاظ على استقرارها. ولا يمكن إغفال إدارة ملف الانتقال السياسي بمهارة وكفاءة عالية، ومعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تزيد من معاناة المواطنين.
بالإضافة إلى هذه التحديات العامة، يبرز تحديان داخلي وخارجي لهما أهمية خاصة. على الصعيد الداخلي، يواجه رئيس الوزراء المكلف مهمة إصلاح المؤسسات الحكومية التي عانت من الترهل و المحاصصات القبلية والجهوية في السنوات الأخيرة. يتطلب هذا الأمر تطبيق قوانين صارمة تضبط معايير التوظيف بعيداً عن أي اعتبارات غير مهنية، وإعادة بناء الثقة في قدرة الدولة على خدمة جميع أقاليم السودان بعد أن طالت الحرب الجميع دون استثناء. أما على الصعيد الخارجي، فتتطلب المرحلة المقبلة إدارة رشيدة لملف العلاقات الخارجية، وتصحيح التخبط الذي شابها في الفترة الأخيرة. من الضروري وضع برامج واضحة بالتنسيق مع وزارة الخارجية لبناء تحالفات قوية وكسب دعم المجتمع الدولي بما يخدم مصالح البلاد الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية.
إن تعيين شخصية بحجم وخبرة السفير دفع الله يمثل رسالة واضحة بأن المرحلة تتطلب إدارة حكيمة تقوم على التدرج في معالجة الملفات، والشفافية في الأداء، وإعلاء مصلحة المواطن فوق أي اعتبارات أخرى. إن الثقة الموضوعة في هذه الشخصية المخضرمة كبيرة، والتطلعات معلقة على قدرته على قيادة البلاد نحو بر الأمان وتجاوز هذه المرحلة الصعبة. نسأل الله له التوفيق والسداد في مهمته الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *



زر الذهاب إلى الأعلى