مخيم زمزم للنازحين: الملاذ الأخير للناجين من المجازر في دارفور

أضواء حول التدمير والخراب الذي طال مخيم زمزم جراء الهجمات
تقرير: حواء داؤد
ظل حوالي مليون ونصف من الأشخاص في مخيم زمزم تحت وطأة الحصار، يعانون من انعدام أبسط مقومات الحياة. فقد نفدت الإمدادات الغذائية، وتوقفت الخدمات الصحية، وأصبحت المياه الصالحة للشرب نادرة جدًا.
في ظل هذه المأساة، أصبح التدخل الدولي العاجل ضرورة لا تحتمل التأخير. إن الوضع الإنساني ينذر بكارثة قد تكون الأسوأ في تاريخ النزوح بالسودان، وهو ما يستوجب تحركًا سريعًا من المجتمع الدولي لرفع الحصار فورًا، وإنقاذ مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين.
مصير مجهول يواجه 5 آلاف أسرة في المخيم:
مع تزايد الفظائع التي ترتكبها عناصر قوات الدعم السريع، اضطر مئات الآلاف من النازحين إلى الفرار من منازلهم بحثًا عن ملاذ آمن. ووفقًا للتقديرات الأخيرة، فإن أكثر من 500,000 أسرة، من بينهم أطفال ونساء، فرت إلى مخيم زمزم قادمة من مناطق ريفي الفاشر غرب المتمثلة في شقرة، قولو، سلومات، أمجمينات، أمقديبو، عرب بشير، حلة كنين، وغيرها من القرى والمحليات الأخرى. ذلك بعد أن تعرضت منازلهم للتدمير، وأُجبروا على الهروب تحت وابل من القصف العشوائي والاستهداف المباشر للأحياء السكنية.
انعدام تام للخدمات الصحية يهدد حياة الآلاف:
تعرض النظام الصحي في معسكر زمزم لانهيار شبه كامل نتيجة القصف العشوائي وعمليات التخريب التي طالت المنشآت الطبية، ما أدى إلى تعليق أنشطة المنظمات الصحية بالكامل، وعلى رأسها منظمة أطباء بلا حدود.
ووفقًا لتقرير المنظمة، يشهد المخيم واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم، مع ازدياد أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية، وتفاقم معاناة النساء الحوامل اللاتي يواجهن خطورة الولادة دون أي رعاية طبية. ويشير مساعد طبي، عثمان عبدالرحمن، رئيس لجنة الصحة بالمخيم، إلى أن هناك 47 حالة جراحية حرجة، من بينها إصابات بالغة نتيجة الهجوم، بالإضافة إلى حالات ولادة معقدة تتطلب عمليات جراحية عاجلة. إلا أن انعدام الخدمات الصحية، وإغلاق الطريق الرابط بين زمزم والفاشر، يجعل من المستحيل توفير الرعاية اللازمة، ما يزيد من معدلات الوفيات.
مقتل وجرح 81 مدنيًا جراء الهجمات على مخيم زمزم للنازحين:
في ظل استمرار الهجمات وانقطاع الإنترنت والاتصالات، أصبح من الصعب تحديد الأعداد الحقيقية للضحايا. فقد أشار العمدة عبدالرحيم تابت، أحد أعيان المخيم، إلى أن الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية بات شبه مستحيل. وذكر أن أكثر من 34 حالة وفاة و47 جريحًا أصيبوا جراء الهجمات الأخيرة على المخيم، لكن العدد الحقيقي قد يكون أضعاف ذلك.
وأضاف تابت أن القصف استهدف جميع القرى الواقعة غرب، جنوب، وجنوب شرق المخيم، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين، مع صعوبة بالغة في الوصول إلى الجثث وإحصائها.
خسائر مليارية تلحق بممتلكات والمحلات التجارية في المخيم:
لم يقتصر الدمار الذي ألحقته الهجمات على مخيم زمزم للنازحين على الأرواح فقط، بل امتدت الحرائق لتطال المحلات التجارية والبضائع وآبار المياه والمرافق العامة. كما امتد التأثير إلى الاقتصاد، حيث وصف مراقبون أن 90% من رأس المال الاقتصادي في السوق الكبير للمخيم تعرض للتدمير. وفقًا لتقديرات الغرفة التجارية بمعسكر زمزم، قُدرت الخسائر المالية بحوالي 25 مليون دولار، فيما تم إحراق ونهب 80,324 محلًا تجاريًا بالكامل.

مناشدات عاجلة بالتدخل لإنقاذ المدنيين:
في ظل استمرار القصف، والحصار، والمجاعة، يعيش مئات الآلاف من النازحين في مخيم زمزم كارثة إنسانية. وأوضح مفوض شؤون النازحين بولاية شمال دارفور، حسن صابر جمعة، أن معظم القرى والمخيمات المتضررة مثل شقرة، أبو زريقات، مخيم زمزم، وأبو شوك، قد أصبحت معزولة تمامًا بفعل استمرار القصف والحصار. ناشد المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بالتدخل العاجل لفتح ممرات إنسانية، وإيصال الغذاء والدواء للنازحين، حتى لو كان ذلك عبر وسائل بديلة أو إلكترونية.