منذ الإعلان عن وصول سلسلة أساسنز كريد إلى اليابان الإقطاعية ونحن نعتقد أن السلسلة قد دخلت رسميًا إلى حقل ألغام محفوف بالمخاطر، وذلك لأن هناك ألعابًا رائعة ظهرت في السنوات القليلة الماضية، تدور أحداثها في نفس المنطقة (اليابان الإقطاعية) واليوم وبعد أن جربنا لعبة Assassin’s Creed Shadows المُنتظرة لمدة تفوق الـ55 ساعة، وختمنا قصتها بشكل كامل، بالإضافة إلى كم كبير من محتواها الجانبي، نسرد لكم رأينا فيها بالتفصيل، ونجيب على الأسئلة، ومن ضمنها، هل قدمت اللعبة ما يفرقها عن بقية الألعاب الشبيهة؟ وهل عادت بسلسلة Assassin’s Creed إلى الطريق الصحيح؟ إليكم مراجعة Assassin’s Creed Shadows.
قصة اللعبة بدون حرق.. بطلان وحبكة سياسية بامتياز
تدور أحداث قصة اللعبة بدايةً من عام 1579 ميلادي، وهو عصر يُسمى Sengoku period انتشرت فيه الحروب الأهلية بين المدن والعشائر اليابانية، وسعى الجنرال (daimyō) “أودا نوبوناجا” إلى توحيد اليابان عن طريق الحرب، وارتكاب المذابح والفتك بمن يرفض أن يعيش تحت حكم “الشوجن”.
تلعب أنت دور شخصيتين، “ياسوكي”، وهو عبد أفريقي الأصل، يستولي عليه “أودا نوبوناجا” من جالية تجارية ودينية برتغالية، وعامله معاملةً حسنةً ويرقيه ليكون “ساموراي” في جيشه الجرار، وشخصية “ناوي” إحدى الفتيات المقاتلات في مقاطعة “إيجا” المشهورة بأسلوب قتال الشينوبي الأيقوني.
تبدأ الأحداث بكل من البطلين على جانب من الحرب، ولكن الأحداث سرعان ما تتعقد لتجبرهما على التعاون على مواجهة خطر موحد، كل منهما يطارده لأهداف شخصية يملكها.
قصة اللعبة تقدم بداية قوية جدًا، ربما هي الأقوى في السلسلة منذ Assassin’s Creed Black Flag، ولكنها سرعان ما تزيد من تعقيدها وانغماسها في الحبكات السياسية الجانبية بشكل ذكرني بمسلسل Shogun، ولكنه مال أكثر للسلبية، لأن الأحداث لا تركز على أساس القصة كثيرًا. نفس المشكلة واجهتها ألعاب Valhalla و Odyssey و Origins، وهو ما يبدو أنه لم يتغير هنا كثيرًا، ويبدو أنه يأتي بالضرورة كنتيجة لإطالة عمر القصة.
فالقصة تمتد إلى 50 ساعة من اللعب، ولكنها تحتوي على كم هائل من التمطيط والمماطلة في سرد النقاط المهمة، وربما يحدث ذلك مؤخرًا مع السلسلة لأن يوبي سوفت ترغب في تقديم ألعاب ضخمة من نوع RPG، وبقصة متفرعة ولكن هذا الامر لم يثبت اهميته ولا استحقاقاته في أي من الألعاب التي صدرت بهذا النوع في رأيي. شخصيًا أعتقد أن القصة كان من الممكن أن تنتهي في ظرف 15-20 ساعة على الأكثر، وكانت لتصبح أسطورية إذا تم ذلك، لأن القصة هذه المرة سينمائية والمشاهد معظمها تم تمثيله بشكل رائع وبجودة مرتفعة من حيث اللحظات الدرامية وتعابير الوجوه وتحول الشخصيات.
شخصيات “ناوي” و”ياسوكي” كانا ممتازين، لكل منهما دوافعه، ولكل منهما ردوده التي تعبر عن شخصيته في الحوارات، والعلاقة بينهما كانت جذابة جدًا، وتعتبر بسهولة هي أكبر مميزات القصة.شخصيًا لم أعتقد أن “ياسوكي” كان شخصية مُقحمة وإنما كان دوره وخصوصًا في اللحظات التي يسترجع فيها ذكرياته.
قصة الوقت الحاضر كانت ضعيفة وتتبع أسلوب التشويق بدون نهاية مُرضية، وهي أكبر سلبيات القصة بالنسبة لي.
_____
اقرأ أيضًا: مراجعة Assassin’s Creed Mirage
_____
أسلوب اللعب: تنوع كبير في الأفكار ولكن التنفيذ متواضع
تقدم لعبة Assassin’s Creed Shadows تركيبة أسلوب لعب مشابهة للأجزاء الثلاثة الماضية، Origins و Odyssey و Valhalla، مع تركيز أقل على تأثير خيارات اللاعب، وتفرع القصة، ومع عودة المهمات الجانبية، وخريطة أصغر نسبيًا، و بطلين للقصة بأساليب لعب مختلفة.
لولا وجود البطلين لكانت التجربة بشكل عامل لتعطي شعورًا بالألفة الزائدة، فوجود ياسوكي وناوي، جعلني أشعر وكأني أمام تجربة لعبتين مختلفين تمامًا، فالمطور اعتمد تقديم كل منهما تجربة لعب مختلفة إذ تركز ناوي على التخفي وأسلوب الأساسنز الشهير، ويركز ياسوكي على القتال المباشر والعنيف، والأروع هو قدرة اللعبة على الفصل بين الشخصتين بحيث لا يخرب أحدهما الآخر، ففي البداية تبدأ التجربة كـلعبة اعتيادة في سلسلة Assassin’s Creed مع شخصية ناويو تقديم بسيط لشخصية “ياسوكي” ثم تعطيك فرصة للتحكم بياسوكي مجددًا وبحرية تامة بعد مرور حوالي 15 ساعة، وهو ما شعرت أني احتاجه بشكل كبير.
أسلوب اللعب يتمحور حول ما تسميه اللعبة “Objective Board أو لوحة المهمات” وهي عبارة عن شجرة متشعبة من الأهداف التي عليك اغتيالها، وأشخاص يجب عليك استلام المهام منهم. هناك مجموعات اغتيال أساسية، ومجموعات فرعية، وفي البداية كنت سعيدًا بها التصممي ولكنه سرعان ما اتضح أنه مستهلك ويعيد للأذهان ما تم تقديمه من نفس المطور في لعبة Assassin’s Creed Odyssey.شعور رؤية شجرة جديدة من الضحايا المستقبلين تلو الأخرى كان مرهقًا لي، ولم أكن مستمتعًا بأن تصميم المهام كله تمحور حول الاغتيالات والقتال فقط. اللعبة تفتقر للمهام المتنوعة والـSet pieces، وقدمت أفكار محدودة جدًا من حيث تصميم المهام سواء الجانبية أو الأساسية.
المهام الأساسية والجانبية تقدم تصميم يعتمد على التسلل أو اقتحام قلعة أو مكان محصن ومليء بالحراس، والوصول إلى قلبه، ثم قتال زعيم، أو سرقة شيء ما من هذا المكان. هذا التصميم تكرر كثيرًا على مدار 55 ساعة لعب لدرجة أنه بحلول النهاية كان قد طفح الكيل من فرط التكرار. التكرار يتسرب أيضًا إلى أنماط التسلل والقتالات نفسها، لأن الأعداء لا يتغيرون من البداية للنهاية. هناك مجموعة كبيرة من الأشكال للأعداء، ولكن معظمهم يجبرك على التعامل معهم بالطريقة نفسها.
المحتوى الجانبي يتمثل في إتمام المهام أو الترقيات للعتاد والمهارات من خلال 6 شجرات مهارات منفصلة لكل شخصية، كل شجرة مهارات تحتوي على ترقيات حركية أو ترقية في الأرقام لكل سلاح متاح للأبطال، أو أسلوب القتال. شجرة المهارات الخاصة بالأسانسز مثلًا ترقي التخفي لدى ناوي، وشجرة سلاح الكاتانا مختصة في تقوية السيف وهكذا.
اختلاف أسلوب القتال بين البطلين هو محور أسلوب اللعب، وقد تم تقديمه بشكل ممتاز بحيث ذكرتني شخصية Yasuke بألعاب الساموراي الأخرى مثل Rise of The Ronin مثلًا، بينما كانت شخصية ناوي أقرب للأساسنز من الأجزاء الماضية في التحفي والحركية والخفة.
الباركور تحسن، ويعتبر هو الأفضل منذ Unity، ولكنه ليس أفضل منها. شخصية ياسوكي لا يستطيع التسلق كثيرًا، بينما تمتاز ناوي بخفة حركة هي الأكبر بين أبطال السلسلة كلهم، حتى باسم. ولديها أداة مثل الخطاف تساعدها على التسلق لمسافات أبعد. أنيميشن الباركور بات رائعًا، ومتقنًا جدًا، أكثر من الجزء الماضي (فالهالا) بكثير، ولكن حتى مع ذلك، شعرت أنه ثقيل في بعض الأحيان ويفتقر للخفة والسلاسة في الانتقال بين الأنيميشن والآخر مثل يونيتي.
الخطاف أيضًا لم يكن لديه استخدامات كثيرة، على عكس ما توقعته بكل صراحة. فالخطاف في لعبة Assassin’s Creed Syndicate مثلًا كان أكثر شمولية في الإمكانيات المتاح تجربته فيها، وكان يتيج التسلق على أي مبنى تريده تقريبًا وبدقة وسرعة عالية. الخطاف هنا محدود ولا يدعك تتسلق سوى للأعلى فقط، ولا يمكنك استخدامه في التأرجح للأمام أو من مبنى لآخر سوى في نقاط محددة لك مسبقًا.
بعض المحتوى الجانبي يمثل ذكريات من حياة ناوي وياسوكي، وقد كانت رائعة ومميزة، وتقدم لمحات مهمة ومحورية في قصة كل شخصية. شخصيًا لم اعتبرها محتوى جانبي، وأنصح الجميع أن يجربها وينهيها كلها حتى يحصل على الجرعة الكاملة من القصة واللحظات الدرامية.
الرسوم والصوتيات
رسوم اللعبة هي الأجمل بلا منازع في السلسلة، فالتقنيات التي استخدمتها يوبي سوفت أظهرت اليابان الإقطاعية بشكل جميل جدًا وخلاب، ومتنوع. نظام الفصول كان ممتازًا من حيث التنوع البصري، والاختلاف الذي يضفيه على هوية كل منطقة. دقة الرسوم نفسها سواء من خلال المقاطع السينمائية أو العالم المفتوح كانت هي الأفضل في السلسلة، والأجمل هو أن اللعبة مصقولة بشكل كبير وقد واجهت معها مشاكل تقنية معدودة خلال فترة لعبي الطويلة.
اللعبة تقدم أفضل تعابير وجوه منذ وقت طويل، وأفضل مقاطع سينمائية بعضها مؤثر جدًا بشكل لم نره في السلسلة منذ Unity، وهي الأفضل على الصعيد التقني في سلسلة ألعاب الآر بي جي التي بدأت بجزء Origins.
الصوتيات في اللعبة ممتازة كعادة ما تقدمه يوبي سوفت مع السلسلة، وخصوصًا الموسيقى التصويرية الرئيسية، التي تقدم مزيجًا بين موسيقى السلسلة الأساسية، والطابع الياباني في الآلات وهو شيء عظيم لازلت أسمعه حتى خارج جلسات اللعب. اللعبة صوتيًا حتى في جانب الأداء الصوتي للممثلين رائعة وتقدم أداءات أسطورية خصوصًا أدوار البطولة (ناوي وياسوكي) وتنوعية كبيرة في النبرات والشعور الذي تعكسه، بين صدمة وحزن وغضب وغيرها.
تعتبر لعبة Assassin’s Creed Shadows واحدة من أكثر الألعاب غنىًا بالمؤثرات البصرية بدايةً بمؤثرات المناخ الديناميكي الممتازة، من أمطار وتطاير للأتربة وأوراق الأشجار، وصولًا للدماء والأشلاء والعنف في القتالات. اللعبة تقدم تجربة “جيل جديد” نراها لأول مرة في سلسلة أساسنز كريد بعد جزء ماضي مر على إطلاقه قرابة الـ5 سنوات، وصدر بشكل مشترك عبر جيلين من المنصات المنزلية، وبالتالي شهد محدودية تقنية كبيرة.
كلمة أخيرة
لعبة Assassin’s Creed Shadows تصل إلى قمة المستوى التقني والتصميمي والقصصي من الممكن أن نراه بتركيبة الأفكار وآليات اللعبة التي بدأت مع تحول السلسلة إلى RPG، ولكنها لا تقدم جديدًا يٌذكر في الأساسيات.
يؤسفني أن أقول أن التكرار والمشاكل في تمطيط القصة وحتى غياب الإجابات على الأسئلة المهمة حول سياق القصة الأساسية للسلسلة بشكل عام لازالت مشاكل حاضرة بقوة هنا، ولذلك هي تجربة جيدة في حدود ما بنته الأجزاء السابقة من قالب، لم تتجرأ الإصدارة الجديدة على الخروج عنه كثيرًا.
The post مراجعة Assassin’s Creed Shadows appeared first on عرب جيمرز.
