أخبار الخليج

ما بين أكتوبر وأكتوبر والدروس المستفادة

حتى لا يفسر القول عن دون مقصده، أعيد التأكيد على أن مقاومة الاحتلال هو فعل مشروع حتى نيل الاستقلال وإقامة الدولة، طبقاً لمبادرة السلام العربية 2002، لكن علينا أن نتوقف عند عدد من النقاط لنحسن قراءة المشهد أملاً في حسن تدبير القادم.

باعتبار أن العدو واحد ومع فارق الإمكانيات بالطبع، لكن ما بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2023 يمكن الوقوف على عدد من النقاط المفصلية.

في أكتوبر 73 ورغم التدمير الذي طال معدات الجيش المصري في 1967، لكن الاصطفاف والبناء والمقاومة والتحرير، كل هذا جرى تحت راية الدولة الوطنية دون أي انتماءات سوى للدولة، فكان النصر بعد إعداد العدة جيدا والاستعداد ومساندة الدول العربية الشقيقة لجيش ودولة وطنية من أجل استعادة أرضها، ولأن صوت الدولة كان وسيظل واحداً استعيدت طابا في ما بعد بالمفاوضات، وأُجبرت إسرائيل على توقيع اتفاق السلام.

أما في أكتوبر 2023، والحسابات الضيقة لصالح جماعة وأطراف دولية بدت كالمتفرج مؤخراً، كانت النتائج كارثية كما يرى الجميع حجم الدمار والمجازر التي ارتكبها العدو بحق الأطفال والنساء، في ظل موازين قوى غير متكافئة وموقف سياسي غير صحيح بداية من 2007، وانتصار لتيار فكري على حساب الدولة الوطنية رغم أخطاء السلطة الكبيرة أيضاً، كانت الغلبة للعدو والغرب الذي رأى في كون «حماس» هي جماعة تمثل تيارها الفكري ولا تمثل الدولة الفلسطينية حجة لدعم الاحتلال بكل قوة ودون حرج، وتبع ذلك ما شاهدناه في لبنان وكذلك ما يخطط له في سوريا، وحتى الموقف العربي كان مغايراً، لاعتبارات يعرفها الجميع تسببت فيها التيارات المؤدلجة منذ العام 2011، علما بأن المواقف العربية جميعها ثابتة تجاه إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران 1967.

مع الاعتراف بعدم إمكانية المقارنة بين أكتوبر وأكتوبر لاعتبارات كثيرة، لكن ما أردت استخلاصه هنا، أنه في أكتوبر 73 اصطفت الدول العربية بشكل كبير عسكرياً واقتصادياً، بما في ذلك الجانب الروسي في مساندة مصر الدولة، وهو الدرس الذي استفاد منه العدو لاحقاً، وقرر ألا يواجه الدولة الوطنية في محيطه، بل ساهم في عمليات التقسيم العرقي والطائفي وساعد الغرب في ذلك، ولأن الجماعات والتيارات المؤدلجة والعرقية لها مطامعها الذاتية ساهمت في الانحدار السريع نحو المشهد الذي نراه الآن، وأصبحت الأحزاب والجماعات خارج سياق الدولة الوطنية هي أسباب انهيارها وتفككها.

خلاصة القول إن ما فعلته حماس في 2007 قاد المشهد للحظة الراهنة، وليست عملية أكتوبر 2023، وما عززته المكونات الأخرى في دول عربية أخرى أدى للنتائج الحالية، وما تسعى له بعض المكونات العرقية أو المذهبية في دول جوار الاحتلال يرسم صورة في المستقبل شبيهة بالحاضر.

وعليه أتمنى من القمة العربية المقبلة أن تشدد على رفض كل أشكال الانفصال في المنطقة العربية، وعدم وجود أي رايات سوى راية الدولة الوطنية التي يتاح فيها الحق للجميع لممارسة السياسة والبناء والإعمار واستعادة هيبة الدولة، مع دعم توحيد السلطة في فلسطين من أجل استعادتها.

ولأن السياسة وحسم المواجهات لا اعتبار فيهما لحسن النوايا، فإن الأمور دائماً تحسب بالنتائج، وإن كانت الغاية والنتيجة الأسمى هي إقامة الدولة الفلسطينية فيجب أن تكون تحت راية واحدة، ولا قيمة للتنازل عن السلطة أمام الحفاظ على الشعب والأرض والأمل في استقلال فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

أخيراً فإن الموقف العربي والتشاور الذي جرى في المملكة العربية السعودية، وموقف مصر والأردن والقمة المرتقبة في القاهرة، كل ذلك يؤكد أن الإجماع على قرار عربي واحد هو فاعل ومؤثر ويصبح أكثر تأثيراً في المستقبل.

​https://www.okaz.com.sa/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى